تساؤلات حول مستوى اعمال الصيانة ومدى الالتزام بشروط السلامة المهنية. حرائق الاحمدي والشعيبة تفتح ملف المصافي في دول مجلس التعاون

  الكاتب:حمزة عليان

  المصدر: القبس الكويتية

  تاريخ نشر المقال:23/08/2000

التوجه الخليجي لمضاعفة الطاقة التكريرية يتطلب مجاراة المعايير الدولية بدقة

حوادث الانفجارات التي تعرضت لها مصافي النفط في الاحمدي والشعيبة مؤخرا، فتحت ملفات المصافي في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبعيدا عن الأسباب التي ادت لتلك الحوادث، وهو أمر وارد الوقوع، الا ان تداعيات ما حدث اثارت عددا من التساؤلات حول مستوى أعمال الصيانة المطبقة في هذه المصافي وغيرها، ومدى الالتزام بشروط السلامة المهنية، وهو تدبير وسياسة توازي بأهميتها القدرة على الانتاج والاستكشاف وعمليات التكرير المصاحبة.
صحيح ان حوادث التسرب والحرائق ليست شأنا كويتيا خالصا لكنها، في الوقت نفسه، تطرح اسئلة من نوع آخر: ماذا بشأن مصافي النفط في دول مجلس التعاون، وما هي آفاق صناعة التكرير التي تشهد نموا متسارعا توظف فيه بلايين الدولارات؟ واين وصلت عمليات التطوير والتوسعة التي شهدتها تلك المصافي، وما هي قدراتها الانتاجية؟.
نسبة ‘المكرر’
يشكل النفط المكرر في دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر 14.6 في المائة من اجمالي انتاج النفط الخام في دول المجلس، الا ان هذه النسبة يتوقع ان ترتفع الى 21% من الانتاج الكلي للنفط الخام لدول المنطقة عام 2007.
وفي تقرير اقتصادي نشر في امارة دبي مؤخرا، ذكر ان دول مجلس التعاون ستنفق حوالي 20 بليون دولار في السنوات العشر المقبلة لتطوير مصافي النفط العاملة لديها او بناء مصاف جديدة.
ولتلك التوقعات اسباب دوافع يحسن قراءتها في اطارها الجغرافي والزمني.
بقيت معامل تكرير النفط في الخليج ولوقت طويل مجرد وحدات تقطير بسيطة تنتج اساسا زيت الوقود الثقيل والذي يباع بخصم هائل، ونظرا لعدم وجود وحدات لانتاج انواع عالية النوعية من الوقود، اضطرت دول مثل السعودية والامارات الى استيراد البنزين ووقود الديزل لتلبية الطلب المحلي.
تلبية السوق
ومع تزايد الطلب على المنتجات البترولية الخفيفة في الاسواق العالمية، والدعم الحكومي الذي تقدمه دول مجلس التعاون لاسعار التجزئة للوقود، ضاعفت هذه الدول من طاقات المصافي العائدة لها وتوسيعها وتطويرها، بحيث تلائم متطلبات السوق.
وفي هذا الاطار تتزعم كل من السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت السعي الحثيث لانشاء وحدات متطورة في مصافيها لزيادة حجم الانتاج وتحسين نوعية المنتجات عالية القيمة، مثل البنزين ووقود الديزل والكيروسين ووقود الطائرات.
لذلك، عملت هذه الدول على توظيف مبالغ مالية كبيرة في صناعة التكرير للحصول على اكبر قدر من المرونة بتوفير احتياجات الاسواق الدولية، كون هذا النوع من الطلبات يعود بالربح الوفير.
ربما كان هذا السباق بتطوير وتوسيع مصافي النفط يتناقض مع ما جرى ويجري في البلدان الاوروبية والولايات المتحدة الاميركية، التي عملت على اغلاق انظمة التكرير والتسويق التي تملكها كبرى شركات النفط نتيجة وجود طاقة انتاجية فائضة.
ومع ذلك، هناك من يرى، انه بوجود طاقة تكرير اضافية في السوق الاسيوي،فان الطلب على الاستيراد سيكون متصاعدا.
مشروع سعودي
ومن اجل تلبية تلك الحاجة المتزايدة على وقود التدفئة ووسائل النقل خلال العقد الحالي خصصت المملكة العربية السعودية وهي اكبر منتج ومصدر للنفط في العالم 1.2 بليون دولار لتطوير مصفاة رأس تنورة، كما خصصت 1.7 بليون دولار اخرى لتطوير مصفاة ‘رابغ’ على ساحل البحر الاحمر، ويتوقع ان تصل المبالغ المخصصة لهذا الغرض في السنوات العشر المقبلة 10 بلايين دولار وهو ما يجعل المملكة تتحول الى اهم مركزعالمي لتكرير النفط والمنتجات النفطية.
وفي دراسة للمعرض الصناعي الاماراتي، توقع ان ترتفع طاقات التكرير السعودية بنسبة 160 في المائة لتصل عام 2007 الى 1.7 مليون برميل يوميا بعد ان كانت 650 الف برميل يوميا عام 1996.
وبرنامج التطوير السعودي سيتيح رفع طاقة مصفاة رأس تنورة الى 300الف برميل ويعزز انتاج المشتقات والبنزين وكذلك مصفاة ‘رابغ’ على ساحل البحر الاحمر الى 400 الف برميل يوميا، وتعتبر هذه المصفاة من مصافي التصدير الرئيسية التي يغلب عليها انتاج زيت الوقود منخفض القيمة مقارنة مع السولار ووقود النفاثات والبنزين التي يزداد عليها الطلب في السوق المحلية السعودية والبالغ 17 مليون نسمة.
ويذكر ان في السعودية عددا من المصافي، واهمها في ينبع وجدة والرياض وآخرها ما تم تدشينه وافتتاحه من قبل الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ونائب رئىس مجلس الوزراء، وهي مصفاة الزيوت الثانية التابعة لشركة ارامكو في مدينة ينبع بتاريخ 28/10/2000 وبدخول هذه المصفاة مرحلة الانتاج يصبح ما تنتجه مصافي الزيوت في جدة وينبع ما يقارب اربعة ملايين برميل سنويا من زيوت التشحيم الاساسية التي تستخلص من زيوت الوقود.
وفي مجمل التوقعات، فان طاقات التكرير في المملكة العربية السعودية والبالغة الآن حوالي 650 الف برميل يوميا سوف تصل الى 1.7 مليون برميل يوميا عام 2007، بحيث تغطي تلك الطاقة 17.3 في المائة من الانتاج النفطي السعودي المتوقع في ذلك العام مقابل 14.8 في المائة عام 1996.
مصاف جديدة
والتوسعات المقترحة ستشمل اقامة اربع مصاف جديدة في دولة الامارات العربية المتحدة واجراء توسعات كبيرة في مصفاتي الرويس وام الناد في امارة ابو ظبي، كما تشمل تطوير مصفاة البحرين لانتاج الوقود الخالي من الرصاص.
وينتظر ان تنفق شركة بترول ابو ظبي الوطنية ما يقرب من 1.5بليون دولار حتى عام 2002 لتنفيذ وتجديد وتطوير مصفاة الرويس وهي خطوة تتماشى مع خطط تكرير تقطير النفط الخام في الامارات السبع لتصل الى نحو 430 الف برميل يوميا سنة 2001 بالمقارنة مع 270 الف برميل يوميا حاليا.
ِِوفي الشارقة
وقد تم بالفعل الانتهاء من بناء وتشغيل اول منشأة تخزين منتجات نفطية مستقلة خارج ساحل الخليج العربي مباشرة، وذلك في امارة الشارقة بتاريخ 21/1/1999، وهي منشأة تبلغ طاقتها التخزينية 511 الف متر مكعب تأتي كثاني اكبر مركز في العالم لتخزين المنتجات البترولية بعد سنغافورة وتمتاز بقربها من شبه القارة الهندية حيث يرتفع الطلب على المنتجات البترولية وبخاصة البترول الغازي.
لكن تبقى الاشارة الى ان دول مجلس التعاون الخليجي لا تسير بوتيرة واحدة في اتجاه تحديث المصافي إما بسبب ضعف انتاجها النفطي او بسبب عدم قدرتها التنافسية، فالبحرين مثلا تمتلك مصفاة واحدة وتعود لشركة ‘بابكو’ وهي شركة نفط البحرين المحدودة، وتبلغ طاقتها الانتاجية 250 الف برميل يوميا، وقد اصطدم مشروع بناء مصفاة جديدة بمشكلة العثور على موقع يتسع لها بعد ان تبين ان المكان المقرر ضيق وغير صالح ويعود ذلك الى ان كون الجزء الشمالي من البحرين مخصصا للسكن فيما الجزء الجنوبي مخصص لاستخدامات عسكرية.
التكرير في الكويت
اما على مستوى الكويت، فقد رجحت الدراسات النفطية ان ترتفع طاقة تكرير المصافي النفطية الثلاث في الكويت وهي الاحمدي، الشعيبة، ميناء عبدالله، من 920 الف برميل يوميا بالوقت الحالي الى مليون و300 الف برميل في السنوات العشر المقبلة.
ويذكر ان التدمير الذي لحق بمصافي الكويت نتيجة الغزو العراقي تكلف اصلاحه نحو 466.2 مليون دولار، وتنتج مصفاة الاحمدي التي تعرضت لحريق دمر احدى وحداتها الاسبوع الماضي نحو 420 الف برميل يوميا ومصفاة الشعيبة 195 الف برميل ومصفاة ميناء عبدالله 225 الف برميل.
ويتراوح ما تنتجه تلك المصافي بين 80 الى 92 في المائة من اجمالي الانتاج، ومعظم تلك المنتجات يجري تسويقها الى الاسواق الاسيوية وجزء من اوروبا.
وما يخص دولة قطر، وهي من الدول الرئيسية في العالم بانتاج الغاز، فلديها مصفاة مسعيد التي تنتج 60 الف برميل يوميا، عملت على توسعتها بحيث ترتفع طاقة التكرير لدى شركة البترول الوطنية الى 137 الف برميل يوميا، يتوقع ان يبدأ الانتاج بهذا المشروع عام 2002، متضمنا انشاء وحدتين لتكرير المكثفات النفطية وقد بلغت تكاليف المشروع ما يقرب من 740 مليون دولار.

حرائق النفط - الكويت / مصافي النفط - الكويت / مصافي النفط - بلدان مجلس التعاون الخليجي / السلامة المهنية - بلدان مجلس التعاون الخليجي

تعليقات

Facebook
Twitter

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *