عبدالخالق حسونة وأزمة الكويت مع قاسم

  الكاتب:حمزة عليان

  المصدر: جريدة الجريدة

  تاريخ نشر المقال:11/11/2024

حمزة عليان:

عبدالخالق حسونة كان ثاني أمين عام لجامعة الدول العربية، هذا الدبلوماسي الذي مارس المهنة منذ نشأة وزارة الخارجية المصرية عام 1922، لم يدوّن مذكراته، بل اكتفى برواية مسيرته والتعليق على الأحداث من خلال الحوارات التي أجراها معه نجله حسين على عدة فترات، ومن هنا جاء كتابه «اتفاقات وخلافات العرب»، الصادر حديثاً عن دار الشروق بالقاهرة. سعى نجل عبدالخالق حسونة لتوثيق ذكريات والده إبان الحقبة التي قضاها في وزارة الخارجية وصولاً إلى منصب الأمين العام للجامعة العربية، كما أنه أشرف على إنشاء أول قوات أمن عربية إبان أزمة عبدالكريم قاسم مع الكويت عام 1961 ولديه مهارات بالغة باحتواء الأزمات وحل الخلافات بين أعضاء الجامعة. استند المؤلف في روايته للنزاع بين الكويت والعراق إلى وثائق سرية لم تنشر من قبل، وفي معرض تناوله للأزمة أيام عبدالكريم قاسم سنة 1961، استعرض بداياتها وكيف نشأت بعدما توجهت الكويت إلى الجامعة بطلب انضمامها رسميا يوم 20 يونيو 1961 ورفض العراق، ثم يورد جملة من الوقائع التي أعقبت الحشود العراقية، وطلب الأمير الشيخ عبدالله السالم رسميا من بريطانيا والسعودية المساعدة العسكرية، وهي: 1- توجيه رسالة لمجلس الأمن. 2- إنزال القوات البريطانية في الكويت. 3- زيارة عبدالخالق حسونة إلى الكويت لحل الأزمة سلمياً ولقائه مع الأمير. 4- لقاء حسونة وعبدالكريم قاسم لمدة 7 ساعات بغداد. 5- زيارة الأمين العام للجامعة إلى السعودية وإجتماعه مع الملك سعود. 6- انعقاد مجلس الجامعة العربية والموافقة على مشروع قرار تقدم به المغرب تضمن 3 بنود منها تعهد الكويت بطلب انسحاب القوات البريطانية وتعهد العراق بعدم استخدام القوة والترحيب بدولة الكويت عضواً في الجامعة ومساعدتها الانضمام للأمم المتحدة والأهم تعهد الدول العربية بتقديم المساعدة لحماية استقلال الكويت ومنح المجلس الأمين العام سلطة اتخاذ الإجراءات اللازمة. وفي أعقاب صدور قرار مجلس الجامعة العربية أرسل خطاب للأعضاء يسأل عن مدى استعدادهم للمساهمة للمشاركة في القوات العربية المزمع إرسالها للكويت، وانتهى الأمر بإرسال قوات من السعودية، ومصر والسودان والأردن. الجديد الذي كشفه الكتاب، وقائع ما دار في اجتماع مجلس الجامعة كما وردت بالمضبطة الرسمية، ويعرض لأول مرة، ويكشف بجلاء حقيقة الدور الذي أداه عبدالخالق حسونة في احتواء أزمة 1961. التقييم الفعلي لهذا الخلاف كما يعرضه نجل الأمين العام للجامعة العربية «أن تلك الأزمة كانت من أصعب الاختبارات التي واجهتها الجامعة في جهودها لتسوية النزاعات بين الدول الأعضاء، حيث اضطرت إلى أن تعالج في آن واحد مشكلة تهديد أحد أعضائها للسلامة الإقليمية لعضو آخر، ومشكلة احتمال انسحاب عضو من عضويتها نتيجة لقبول عضو آخر فيها، ومشكلة تواجد قوات أجنبية على أراضي دولة عضو، كما كان النزاع مثالا لخلاف إقليمي شكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ورغم ذلك لم تتم تسويته من خلال آلية الأمم المتحدة، بل من خلال المنظمة الإقليمية المختصة. ثم إن الأزمة تعد مثالاً على كيفية قيام الجامعة بمهمتها في مجال الحفاظ على الأمن الجماعي العربي، وأخيراً، يعتبر النزاع سابقة نادرة في تاريخ الجامعة، حيث نجحت في إنشاء وإدارة قوة حفظ سلام إقليمية في إطار تنظيم إقليمي وفقا للباب الثامن من ميثاق الأمم المتحدة»، لكن الجامعة العربية فيما بعد تحولت إلى «أشلاء» بمواجهة الحروب والنزاعات العربية وأكثرها فشلاً بغزو صدام حسين إلى الكويت عام 1990 ووصلت اليوم إلى مجرد مبنى في ميدان التحرير وسط القاهرة دون أي تأثير يذكر على مجريات النكبات والأزمات التي تحيط بالمنطقة العربية.

تعليقات

Facebook
Twitter

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *