حمزة عليان:
ماذا أضاف «المستشار» والصحافي والنائب باسم السبع إلى حقبة الرئيس رفيق الحريري؟ بالرغم من وجود عشرات الكتب والأعمال التوثيقية التي تعرض لحياة الحريري قبل اغتياله وبعده، وبالأخص الفيلم الوثائقي لعمر أميرلاي «الرجل ذو النعل الذهبي» فإن رواية الزميل الذي عاصرته لسنتين في جريدة «السفير» وعلاقتي بشقيقه المرحوم حسن الذي انتقل إلى رحمة ربه، وكان له دور في تطوير مركز المعلومات، جعلت الإضاءة على سيرة رجل شكل علامة فارقة في التاريخ الحديث للبنان التي دوّنها في كتابه «لبنان في ظلال جهنم… من اتفاق الطائف إلى اغتيال الحريري»، تتسم بخصائص ومعلومات لم تتسن لغيره، لقربه منه منذ الأيام الأولى لدخوله معترك السياسة والصحافة. قصة الشهيد رفيق الحريري ليست عادية بل هي مزيج من المغامرات والنجاحات والفشل، بدأ حياته مصححاً لغوياً في مطبعة دار الصياد إلى أن وصل لرئاسة الحكومة من خارج العائلات السياسية التقليدية التي توالت على هذا المنصب من أيام رياض الصلح وعائلة الصلح وصولاً إلى بيت كرامي وسلام وانتهاء بنجيب ميقاتي. بشهادة «المستشار» والإعلامي باسم السبع فالحريري من «ألمع» رؤساء الحكومات في العالم العربي ولبنان، قال عنه «لحظة اقتراب السيف من رقبته قرر أن يتحدى السيف، راهن على وعود الأصدقاء لقطع يد السياف قبل توجيه الضربة القاضية، بنى حساباته على القرارات الدولية في ردع الشياطين التي تحكم لبنان»، لكنه لم ينج بذلك بل تعثر وانتهى شهيداً. تملكه طموح غير محدود، كان يحلم بالسلام وبقدرته على تحقيق انسحاب الجيش السوري من لبنان، كان يحلم بأن يستقبل لبنان كأس العالم في عام 2014، ويحلم بإنشاء الجسور المعلقة والأوتوسترادات للمساهمة في مشاريع التنمية. كان يحلم بعودة الروح إلى العراق «بعقد مؤتمر طائف عراقي» يعالج الخلاقات الطائفية وانتشار الميليشيات المسلحة فيه ويراهن على صديقه أياد علاوي عندما كان على رأس السلطة التنفيذية، سقطت السنوات العشرون في حياة الحريري وسقطت أحلامه. أصبح في ذمة التاريخ لذلك من يؤرخ ويكتب لمرحلته يحتاج إلى الكثير من المصداقية والأمانة، وهذا ما يتوافر برفيق دربه «المستشار» باسم السبع وكاتب معظم خطاباته. يشهد في كتابه أنه «منحاز» لرفيق الحريري وسياساته، وهو أمر لا ينفيه أو يتهرب منه، بل يجد فيه قيمة مضافة لموضوعية الأحداث التي يسردها بصفته أحد السياسيين الذين رافقوه عن قرب، وكل ما يسجله في الكتاب يتضمن حصراً ما عرفه وما سمعه وما شاهده وأعده وشارك فيه، من الانطلاقة الأولى لجمهورية الطائف إلى تفجيرها في 14 فبراير 2005 وصولاً إلى «سقوطها» تحت ظلال جهنم. ربما كان الفصل الخاص بآخر محطة للحريري مع بشار الأسد من الفصول التاريخية التي خرجت إلى العلن، لاسيما تلك الجلسة التي خصصت لإهانته كرئيس للوزراء، وضمت العسكريين الثلاثة، غازي كنعان ورستم غزالة ومحمد مخلوف، وفيها تعمد بشار الأسد أن يوبخ ويهين ويهدد الحريري إذا لم يوافق على التمديد للرئيس أميل لحود عام 2004.