حمزة غليان :
القصيمي يرى أنه لا توجد أي علاقة لدى الإنسان العربي بين لسانه وتفكيره أو أي شيء من حياته له علاقة بالمساءلة أو المحاكمة، كما يصفه بأنه «دائماً لا يفخر أو يجدد تقواه وإيمانه وتدينه إلا الكوارث والهزائم والفضائح والهوان، ولا يتذكر الله إلا مهزوماً مفضوحاَ مهاناً مذعوراً». أنت كتبت عن أحمد سعيد ويونس بحري ومحمد سعيد الصحاف وهؤلاء يصنفون بالظواهر الصوتية… ولذلك أنصحك بقراءة كتاب، «العرب ظاهرة صوتية» للمفكر السعودي عبدالله القصيمي، فسألته: وما الرابط بينهم؟ فأجاب: «لقد امتلك كل واحد منهم صوتا عبر المذياع كان له تأثير وجذب على المستمع… وسلاحه الذي اشتهر به هو صوته الإذاعي». توقف صاحبنا عند يونس بحري وزيارته إلى الكويت سنة 1952، وأحمد سعيد وزيارته أيضا عند خطبته الشهيرة بثانوية الشويخ سنة 1959 يوم ألهب حماس الجماهير وكاد يشعلها. عدت إلى عبدالله القصيمي، وهو من أكثر المفكرين العرب إثارة للجدل، فقد تحول من سلفي متشدد إلى صاحب رأي متنور… وبسبب مؤلفاته التي بلغت 21 كتاباً اشتهر كتاب «العرب ظاهرة صوتية». كان مدافعاً شرساً عن الفكر السلفي الوهابي، تم فصله من جامعة الأزهر عام 1927 بعد تأليفه كتاب «البروق النجدية»، خرج من السعودية وذهب إلى مصر واستقر فترة بسيطة في بيروت. انقلب على السلف، وكان أول إصداراته «هذه هي الأغلال» تعرّض لمحاولتي اغتيال (1947) في بيروت والقاهرة وسجن في مصر إلى أن توفاه الله عام 1996 بمستشفى فلسطين بالقاهرة. كانت له مواقف واضحة حول واقع المسلمين، قوله: «إن المسلمين يقفون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يستفيدوا من التراث العلمي للبشرية أو أن يبقوا متخلفين جهلة». حصلت على نسخة من كتابه «العرب ظاهرة صوتية» 800 صفحة وفيه عناوين لموضوعات تزيد على 25 قضية، يبدأ بطلب مثير، وهو أن يكتب فوق كل منبر عربي وعلى غلاف كل كتاب عربي وعلى الصفحة الأولى من كل صحيفة عربية وعلى كل قلم وفم عربي هذا الهتاف والإنشاد: «أيها الكذب البائد، أيها النفاق الفضاح المفضوح، أيها الغباء الجاهل، أيها الجهل الغبي، إن كل المجد والسلطان لك». برأيه أنه لا توجد أي علاقة لدى الإنسان العربي- هكذا بالتعميم- بين لسانه وتفكيره أو أي شيء من حياته له علاقة بالمساءلة أو المحاكمة، والعربي كما يراه ويصفه «دائما لا يفخر أو يجدد تقواه وإيمانه وتدينه إلا الكوارث والهزائم والفضائح والهوان، إنه لا يتذكر الله إلا مهزوماً مفضوحاَ مهاناً مذعوراً». ختام مرافعته المريرة والقاسية تجاه الإنسان العربي وصفه له بالقول: «لا توجد أية علاقة بين ما يقولون وما يستطيعون أو يفعلون»، فلماذا هذه القسوة والجحود يا عبدالله القصيمي تجاه الإنسان العربي؟ ألم تر في سلوكه وتاريخه نقطة مضيئة واحدة تكفي لتغفر له مساوئه؟ ولماذا «العربي» بالذات؟ وماذا عن غيره من الشعوب؟