مركز البحوث يصدر كتابين من وثائق أسرة الحمد… أعدَّهما أستاذ التاريخ بجامعة الكويت فيصل الوزان

download

  الكاتب:حمزة عليان

  المصدر: جريدة الجريدة

  تاريخ نشر المقال:28/10/2024

حمزة عليان :

تتواصل إصدارات مركز البحوث والدراسات الكويتية، برئاسة د. عبدالله الغنيم، في مجال نشر «الوثائق الأهلية»، وإخراجها بكُتب قيِّمة بالمحتوى، وغنية بالمصادر. أحدث الإصدارات كانا كتابين؛ الأول بعنوان «مكتب أسرة الحمد وشبكته التجارية في موانئ المحيط الهندي»، والثاني «الحرب السعودية – اليمنية 1924-1936» في وثائق أسرة الحمد الكويتية، قام بها أستاذ التاريخ بجامعة الكويت د. فيصل عادل الوزان. ما يميز الوثائق الأهلية، كما يوضحها د. الغنيم، هو احتواؤها على مادة تاريخية غزيرة ومتنوعة تخص فترة زمنية تندر أو تنعدم فيها الكتابات التاريخية، لتشكِّل مصدراً أولياً للمعلومات، ولتكون رديفاً للمصادر الأخرى. 70 سنة عُمر أرشيف وثائق أسرة الحمد والمتعلقة بمكتبهم التجاري الغرض الأساس للكتاب الأول هو عرض نماذج منتقاة من وثائق أسرة الحمد تعكس سعة تجارة الكويتيين، وامتداد شبكة علاقاتهم في فترة ما قبل النفط واعتماد الدولة وقطاعها الخاص على عائدات تصديره، حين كان الكويتيون متماهين مع جغرافيتهم البحرية والبرية، يؤدون دورهم الذي رسمته الطبيعة لهم، والذي وفقهم الله لأدائه، كما برهنت الدراسات المتعددة التي قام بها مركز البحوث والدراسات الكويتية. عشرة فصول بعض فصول الكتاب، هي دراسات أولية من واقع تلك الوثائق، سبق نشرها في مجلة رسالة الكويت الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الكويتية. ويحتوي الكتاب أيضاً على مجموعة من الوثائق ذات الطابع السياسي والأدبي والشخصي. يتكوَّن الكتاب من عشرة فصول، إضافة إلى التمهيد والخاتمة. الفصل الأول حول أسرة الحمد ورجالاتها ونظام عمل مكتبها، والفصل الثاني عن مكتب الحمد وعلاقاته ومعاملاته في موانئ الخليج العربي. أما الفصل الثالث، فعن موانئ خليج عمان وبحر العرب. ويتناول الفصل الرابع الهند. ويستعرض الفصل الخامس موانئ البحر الأحمر. والفصل السادس عن القرن الإفريقي وشرق إفريقيا. أما الفصل السابع، فيخص العراق والكويت ونجد، والفصل الثامن يقدِّم دراسة لتجارة السجاد والمفروشات، ودراسة عن النوخذة معيوف البدر، والفصل التاسع الأخبار السياسية في وثائق الحمد، والفصل العاشر يقدِّم الوثائق الأدبية في الأرشيف. وثائق التاريخ الاقتصادي احتفظ أبناء عبداللطيف عبدالله الحمد، مثل غيرهم من الأسر التجارية، بأرشيفهم من الأوراق والوثائق المتراكمة خلال أكثر من سبعين سنة، والمتعلقة بمكتبهم التجاري. ويتكوَّن هذا الأرشيف من الخطابات والمراسلات والفواتير والعقود والسجلات والدفاتر والصور والبرقيات، وغيرها مما له قيمة وأهمية. لقد كانوا يؤمنون بأهمية الوثيقة، وضرورة الاحتفاظ بها لعدة أسباب، أهمها حفظ الحقوق، سواء التي لهم أو التي لغيرهم، واستخدامها حين يحتاج إليها. إضافة إلى ذلك، كانوا يعلمون أن هذه الوثائق يمكن الاعتماد عليها في معرفة ماضي الأسرة، وتطوُّر أعمالها، وعلاقاتها القديمة. وأخيراً، أدركت أسرة الحمد أنه بالإمكان توظيف الكثير من المادة الأرشيفية لتوثيق جوانب من تاريخ الكويت، خصوصاً التاريخ الاقتصادي. افتتحوا مكاتب تجارية ووكلاء انطلقت من الكويت مروراً بالبصرة وعدن وصولاً للهند وعلى هذا الأساس تقدَّم السيد عبداللطيف خالد عبداللطيف الحمد، رحمه الله، بعد وفاة والده عام ۱۹۹۸م بمجموعة كبيرة من الصناديق التي تحوي أرشيف مكتب الحمد إلى مركز البحوث والدراسات الكويتية، حيث قام المركز بترميمها وحفظها بالأسلوب العلمي، وفقاً للوسائل والتقنيات الحديثة المتوافرة لديه. وتبيَّن أن عدد الوثائق المحصورة حتى الآن ١٣٠ ألفاً، ولعل العدد النهائي يصل إلى ٢٠٠ ألف وثيقة. حجم الأعمال استعرض هذا البحث مجموعة كبيرة من الوثائق التجارية الخاصة بمكتب أسرة الحمد منذ العشرينيات إلى الخمسينيات من القرن العشرين. ومن خلال تصنيفها، وفق مكان الإرسال والاستلام واستخلاص مادتها، تبيَّن لنا عِظم حجم الشبكة التجارية التي نسجها خالد عبداللطيف الحمد وأبوه وإخوته؛ أحمد، ويوسف، وعلي، وعبدالله. وبمقارنة هذه الوثائق مع وثائق الأسر التجارية الكويتية الأخرى تبيَّن أن مكتب الحمد هو الأوسع من ناحية التعامل مع مختلف الدول، حيث غطَّى مساحة من سنغافورة في الشرق إلى زنجبار في جنوب غرب، وتواصل المكتب في البريد الجوي مع أوروبا وأميركا وعن طريق البواخر، علاوة على أن مكتب الحمد كان الأكثر تنوعاً في السلع التي ضارب بها. فلم يقتصر على المواد الغذائية والأقمشة، بل امتد إلى السجاد والصوف والجلود والتحف والورد، وقدَّم خدمات نقل الركاب العبرية. 200 ألف وثيقة أُودعت مركز البحوث قام بترميمها وحفظها افتتح مكتب الحمد مقراً رئيساً في الكويت، ومكتباً بالبصرة يُشرف على مزارع التمور التي يمتلكونها، ويقوم بتنظيم عملية الحصاد والكبس والتخزين وتحميل السفن في وقت الموسم، وأسس المكتب فرعاً في بور بندر، ليقوم بتصريف التمور في كوجرات الهندية وما حولها، وافتتح أيضاً مكتباً في بومباي. وللتعامل مع جنوب الجزيرة العربية وغربها، افتتح خالد الحمد مكتباً كبيراً في عدن، وكان له وكلاء في أريتريا وبربرة وبندر لاموه وزنجبار وجدة وبورسودان. وكان لهؤلاء الوكلاء وكلاء تحتهم. وبذلك، امتدت علاقة مكتب الحمد إلى المناطق النائية، فأفادت الناس واستفادت. وافتتحوا في فترة متأخرة مكتباً في بيروت، ليتعامل مع دول بلاد الشام، ومصر، وأوروبا. استثمر المكتب عوائد المضاربة في السلع بشراء الأراضي الزراعية الكثيرة في جنوب العراق، مما أتاح له الاستفادة القصوى وبناء أسطول من السفن التجارية وتشغيل النواخذة والبحارة. امتلك المكتب سلسلة التوريد كاملة، من الأراضي المنتجة للتمور إلى السفن الشراعية إلى نقاط البيع والتوزيع، فحاز معظم أرباح العمليات التجارية. تمور وقهوة ولؤلؤ تجارة متعددة الأشكال كانت عمليات مكتب الحمد ترتكز على: 1 – تصريف التمور في الكويت والخليج ونجد وساحل فارس والهند واليمن والحجاز وشرق إفريقيا. 2 – شراء منتجات تلك الدول، وبيعها في الموانئ التي تفتقدها. 3 – استقبال طلبات من الكويت ونجد وغيرها لشراء سلع وشحنها إليها، وتلقي عمولة مقابل ذلك. 4 – إرسال محصول سفنه من اللؤلؤ إلى الطواويش الكويتيين في بومباي، ليقوموا ببيعها هناك. 5 – الاهتمام الخاص بالقهوة اليمنية والإفريقية، وتوريدها إلى المنطقة العربية. 6 – الانتباه الشديد إلى الأخبار السياسية، ونقلها إلى أمير الكويت وزملائهم التجار، ليحتاطوا وينظموا أعمالهم وفقاً لتطورات الأحداث، وبشكل يحفظ أموالهم ومصالحهم. قدَّم هذا الكتاب صورة قريبة جداً لأحد نماذج الشركات التجارية الكويتية العابرة للحدود، والتي تمكَّنت من بناء جسور ثقافية مع شعوب العالم الشرقي، وعكست صورة مشرقة للكويت والكويتيين في فترة ما قبل تصدير النفط. غلاف «الحرب السعودية – اليمنية 1924-1936» الحرب السعودية – اليمنية كان المرحوم خالد عبداللطيف الحمد متمركزاً في عدن بمعظم النصف الأول من القرن العشرين حين كانت عدن مستوطنة ثم مستعمرة بريطانية، وكان معاصراً للحروب السعودية- اليمنية، فكان يستقبل ويبعث رسائل تتضمن تقارير وأخباراً عن مجريات أحداث الحرب. وثائق تُنشر لأول مرة تحتوي على معلومات عسكرية وتجارية وسياسية لا سيما الحرب السعودية – اليمنية احتوت المراسلات التي يحتفظ بها مركز البحوث والدراسات الكويتية ضمن أرشيف أسرة الحمد – والتي تُنشر لأول مرة – على معلومات شخصية، وتجارية وسياسية وعسكرية. ولعل أهم ما تقدمه من الجانب السياسي – العسكري، هو رصد حوليات الحرب السعودية – اليمنية، وتطوراتها، التي امتدت على مراحل سبقتها ولحقتها من سنة ١٩٢٤ إلى ١٩٣٦م، فسجلت معلومات وتقارير مختصرة عن دول وأسر وكيانات، مثل الدولة السعودية ورجالاتها، والأدارسة في عسير، والمملكة المتوكلية في اليمن، وقبائل الجزيرة العربية التي اشتركت في تلك الحروب، إضافة إلى تحرُّكات الإيطاليين والبريطانيين ودورهم في الصراع. علاوة على ذلك، فإنها تشير أحياناً إلى أسماء الموظفين الكبار والوزراء والوفود المُرسلة. ليس الغرض من هذا الكتاب دراسة الحرب السعودية – اليمنية وتحليل مجريات أحداثها واستنباط نتائجها، بل إبراز إمكانية تغطية الوثائق الأهلية حدثاً كبيراً لمثل هذه الحرب.

تعليقات

Facebook
Twitter

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *