كيف كانت ستصبح حال سورية لو حكم «الشرع»؟

  الكاتب:حمزة عليان

  المصدر: جريدة الجريدة

  تاريخ نشر المقال:11/06/2025

​قبل أن يختفي عن الأنظار عام 2011 أعلن، بجرأة غير عادية، أن الحسم العسكري الذي يتمناه بشار الأسد هو «وهم كبير»، وأن الحل يكمن «في تسوية تاريخية».​فاروق الشرع، الذي تولى وزارة الخارجية لمدة 22 سنة، ثم أصبح نائباً لرئيس الجمهورية، بقي قيد الإقامة الجبرية قابعاً في منزله بإحدى ضواحي دمشق، لأنه دعا إلى حوار وطني سلمي مع قوى المعارضة!​عام 2019 انتهى من كتابة مذكراته، وأرسلها إلى «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات» في بيروت، موصياً بنشرها بعد وفاته.​لكن بعد سقوط نظام بشار في ديسمبر 2024 أصبح بالإمكان نشرها في حياته، وهكذا كان، وهذا الجزء الثاني من المذكرات الصادرة حديثاً يروي فيها رؤيته للأحداث التي عصفت بسورية مع اندلاع «ثورة 2011»، تزامناً مع «ثورات الربيع العربي»، وصولاً إلى إصدار بشار «التعليمات» بعدم التواصل معه وعزله.​كان اسم فاروق الشرع، الذي ليست له علاقة قرابة بأحمد الشرع (الجولاني)، يطرح كمرشح محتمل لقيادة المرحلة الانتقالية بعد إزاحة الأسد، ولو حصل هذا التغيير وتولى السلطة لكان أعفى سورية من فواتير الدم والصراعات والتدويل. في مذكراته حقائق تنشر لأول مرة، وبعض منها أثناء انعقاد القمة الاقتصادية العربية عام 2009 في الكويت والمصالحة التي تمت هنا بين قادة مصر وسورية والسعودية آنذاك.​كان مدركاً بعد فترة قصيرة من بدء الأزمة السورية عام 2011 أنها ستدخل أتون صراع دولي متعدد الأشكال، بعد أن صارت مُركبّة ومعقّدة أكثر من تضاريس الكرة الأرضية.​رسم مشهداً سوداوياً لواقع العرب في القرن العشرين، «بقينا قبائل وطوائف تحكمنا ونخوض الانتخابات على أساسها، سواء كنا يساريين أو ليبراليين»… وبمرارة يتوقف عند المنعطف الخطير الذي أحاط بالنظام السوري، «لم نمنح أجيالنا الفرصة لكي تقول ماذا تريد من التغيير وفي أي اتجاه ستسير، اعتبرنا التغيير مؤامرة دولية، وأرضينا الأجنبي الذي ينتهك شرعية بلادنا».​ينظر إلى أنه السبب في تعقيد الأزمة التي حدثت عام 2011، وإصراره على قصف المنازل ودخول الجيش إلى المناطق التي عارضته كانت نقطة التحول في موقف فاروق الشرع، لأن تبعات هذا القرار للسوريين وله شخصياً نوع من المصادقة على قرار حرب ضد الشعب السوري، لم يكن جزءاً منه ولا طرفاً مؤيداً له.​يرى اليوم أن الاتفاقات ترسم بدماء السوريين لتقسيم بلدهم الواحد جغرافياً ومذهبياً وحتى عرقياً.​يعتقد أن فحوى التفاهم بين الروس والإسرائيليين هو امتناع إسرائيل عن اعتراض أي هدف تابع لروسيا، وامتناع روسيا عن التصدي لأي هدف تعتبره إسرائيل عدواً لها في الساحة السورية. انتهى به الأمر للقول في خاتمة المذكرات، لقد حظيت إسرائيل بعد التفاهم الروسي – الإسرائيلي بوعدين في تاريخها القصير والمتخم بالأساطير، حيث حصلت من بريطانيا على وعد بلفور عام 1917، وحصلت عام 2015 على وعد من روسيا لتثبيت كيانها باستباحة سورية.​وحدها بقيت المؤسسة الأمنية قوية وثابتة، وما عدا ذلك أصابه الوهن والضعف، والسبب واضح أن النظام في حاجة ماسة إليها ليحمي عرشه.​يعترف فاروق الشرع أن بشار الأسد نجح في البقاء بالسلطة بمساعدة الروس والإيرانيين الذين نالوا حصتهم ولم يعط دوراً للعرب، وحلمه أي بشار الأسد أن يحول جمهوريته إلى «مملكة»، عندما تقترب نهاية ولايته من استحقاقها لتصبح «المملكة العربية الأسدية»… وعندها يصبح الاسم الجديد للبلاد ملائماً لزعيم عربي لا يبالي بالسنوات السبع أو يشغل باله بها.

تعليقات

Facebook
Twitter

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *