حمزة عليان:
أسئلة كثيرة حول مشروع طريق الهند التجاري، أطول ممرات التجارة في العالم، فالهند تسعى لزيادة قدرتها على منافسة الصين وهذا الممر سيربطها بدول الخليج والأردن وإسرائيل ثم أوروبا. لم يعد الصراع خفياً بين الصين وأميركا في الاقتصاد كما في مناطق النفوذ على مستوى العالم، وأحدث أوجه الصراع، ولادة جديدة لمنطقة بريكس بعد انضمام 5 دول إليها هذا العام من بينها السعودية والإمارات وقطر وهي دول تصنف على أنها محسوبة على الخط الأميركي. ومن شأن دخول الدول الخمس الجديدة إلى هذا التجمع الكبير إضعاف التحالف الغربي وسحب البساط من تحت أميركا بكسب ثلاث دول كانت محسوبة عليها إلى خارج الصندوق، فبالأمس شاهدت مقطعاً عن «شراسة» هذا الصراع يتحدث فيه أحد الخبراء الأميركيين عن إنفاق بلاده 90 مليار دولار سنوياً على «صناعة المعلومات المضللة» عن الصين وفي مجال الاستخبارات، لأنهم يريدون أن يبقوا الرقم واحد في العالم، ثم يضيف «لدينا مكبر للصوت بقوة مليون واط بسبب سيطرتنا على الصحافة العالمية». الأخطر هو اعترافه أن أميركا أنفقت 1.5 مليار دولار لتدريب صحافيين على كتابة قصص سلبية عن الصين وعلى مدى خمس سنوات وكذلك 300 مليون دولار على الصحافة الحرة لتعليمهم كيفية التحيز ضد الصين! وإذا اقتربنا أكثر من المنطقة سنرى وجه الصراع بوضوح أكثر، فالمنافسة بين «طريق الهند» التجاري وطريق الحرير يزداد حماوة، وزادت المنافسة بعد إدخال إسرائيل كلاعب في هذه المنظومة وجعلها دولة طبيعية في ولادة نظام شرق أوسط جديد. المراقبون يتوقفون عند لغة بنيامين نتنياهو المتعجرف والمغرور والمجرم والساعي إلى التفرد بصناعة هذا الحلف الجديد باسم الشرق الأوسط وهذا بالنسبة لإسرائيل سيدمجها بشكل كامل، ليس بالشرق الأوسط فقط، بل بمنطقة آسيا، كما كتب تسفي برئيل بصحيفة «هآرتس». مشروع أو حلم القطار الذي سيربط بين الهند والشرق الأوسط يستهدف إقامة منظومة دفاع اقتصادية واستراتيجية ضد النفوذ الاقتصادي للصين في المنطقة، والهند ليست بعيدة عن الشراكة بتصنيع وتوريد الأسلحة مع إسرائيل ولا بالمواقف السياسية المشتركة معها، فهي من أفضل زبائن شراء السلاح الإسرائيلي (مليار دولار سنوياً). أسئلة كثيرة حول مشروع طريق الهند التجاري، أطول ممرات التجارة في العالم، فالهند تسعى لزيادة قدرتها على منافسة الصين وهذا الممر سيربطها بدول الخليج والأردن وإسرائيل ثم أوروبا. السؤال الأول، هل سيغيّر قواعد اللعبة في المنطقة، وتتعدى أهدافه الاقتصادية إلى الهيمنة والنفوذ السياسي والعسكري؟ هناك اعتقاد واضح بأن تثبيت الشرق الأوسط منطقة نفوذ أميركية هدف رئيس لإدارة بايدن ومن سيأتي بعده إلى جانب إدماج إسرائيل في المنطقة. خبراء استراتيجيا يعتقدون أن هدف أميركا في النهاية قطع الطريق على الصين في استقطاب دول الخليج العربي عبر تقديم بديل ينافس مشروع الحزام والطريقـ، ومقابل ذلك سيكون طريق الهند التجاري الجديد، ردا على مبادرة «الحزام والطريق» الصينية التي ينظر إليها الغرب على أنها مشروع جيو سياسي بغطاء اقتصادي تنموي من أجل مد نفوذ بكين في آسيا وإفريقيا وأوروبا. فأي المشروعين سينجح؟ هذا ما ستكشفه الأحداث الجارية في العالم العربي وخارجه سواء ما يحدث من توغل وحشي وهمجي في لبنان وغزة من قبل كيان إسرائيلي غارق في الإجرام أو ما يحدث على الجبهة الأوكرانية– الروسية، وما يجري من سباق محموم في الاقتصاد والسياسة بين الصين وأميركا وفي عدة مناطق ساخنة بالعالم.