حمزة عليان:
صاحب متحف ومقتنيات متميز يستعد للدخول إلى عالم النشر والتأليف، فهو يملك مئات الوثائق النادرة والقديمة لتجار الكويت، لذلك عزم على أن يكون أول كتاب له عن «تجار الكويت في قرن». وضاح خالد سعود الزيد، تربطني به علاقة منذ سنوات توطدت بعد فقدان عمه الزميل ناجي سعود الزيد، رحمة الله عليه، استلهم حبه للوثائق والتحف والكتب النادرة من والده، وانتقلت المهنة إليه بالجينات، فهو اليوم مؤتمن على كنوز وخزائن لثلاثة أجيال من أيام جده إلى المرحوم والده وصولاً إليه. ليس من المبالغة القول إن ما يجمعه في متحفه بين «قرطبة» و«ضاحية عبدالله السالم» قارب المليوني قطعة وكتاب ومخطوطة ووثيقة وصحيفة، وعمر المتحف والمكتبة تجاوز السبعين عاماً، لم يختص بالكويت فقط بل بالعالم، فكل ما هو قديم يعني له الشيء الكثير، خاصة أنه بات من زبائن أهم مزادات العرض في العالم، تصحبه زوجته وتشاركه اهتماماته، خاصة مزاد «سوذبي» و«كريستي»، تراه كثير التجوال بين مدن أدنبره وسكوتلندا ولندن. ينتمي إلى أسرة متعلمة لها زاد وباع في الشأن الثقافي والأدبي، يجول بك في غرف المتحف، شارحاً ومدللاً بالتواريخ والأحداث، حافظاً ذاكرة والده وما خطّت يداه أيام الغزو العراقي عام 1990 وما احتوته مكتبته من كتب ومراجع، ويعدد لك أنواع المقتنيات ويوضح أشكالها بأريحية، فهذه ساعة صينية من 186هـ، وضعها على مدخل المتحف، وتلك ملفات تعود إلى أوراق التجار منهم «أسرة الإبراهيم، يوسف الصقر، القناعات، الجلاهمة، الزياني، الزواوي، الجسار، المرزوق، الغانم، الكليب وغيرهم الكثيرون». تتنوع الاهتمامات لدى وضاح الزيد، فهناك مراسلات الهند مع دول الخليج عام 1935 وكتب خالد الفرج، وأقدم خريطة فرنسية ظهر فيها اسم «كاظمة» عام 1780م، ومخطوطة عن تاريخ الكويت تعود إلى 1725م لعبدالله بن سعيد بن بحر، ويحرص على التواصل عبر الإنترنت مع مكتبات ومزادات عالمية ويعرفها جيداً وهذا مصدر تزويد يجعله على مسافة قريبة من الوثائق النادرة. وضاح خالد سعود الزيد، أحد أهم جامعي المقتنيات والمتاحف الخاصة الأهلية في الكويت، وهي مصدر مهم للمعلومات التاريخية والتراثية، وتشكل ركناً مميزاً يضم النوادر والقطع الجميلة التي من الصعب أن تعثر عليها في الأسواق، فقد اختفت مع مرور الزمن. الأمر يحتاج إلى وقفه «لجمع شمل» أصحاب المتاحف الخاصة والمقتنيات النادرة، وقد يكون من المناسب إعتماد لائحة لتنظيم هذه المتاحف وجعلها في متناول الباحثين والزوار والمهتمين، فهذا في النهاية جزء حيوي من تاريخ وثقافة الكويت والمنطقة والعالم. ثمة حاجة إلى وضع تصنيف لهذه المتاحف الأهلية وإن كانت هناك مبادرات سابقة لكنها توقفت أو لم تُفعّل. قد يربو عدد أصحاب المتاحف الخاصة على المئة متحف، وهذه ثروة وطنية تتطلب الدعم والتشجيع، وأن تتحول كما دعي الدكتور عبدالله الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية إلى «مشروع وطني للمحافظة على المقتنيات القديمة القيمة». عدت إلى الكتاب الذي أصدرته منذ سنوات بعنوان «المتاحف الخاصة في دولة الكويت» وضعنا فيه جملة توصيات مدروسة تصب في خدمة هذا القطاع وبعث الروح فيها على طريق إحياء وحفظ الحرف والمهن التي اندثرت في الكويت.