كويت الخمسينات في مرآة الصحافة اللبنانية (2)
كتب حمزة عليان :
كيف كانت صورة الكويت في الخمسينات؟ وماهي اهتمامات الشعب الكويتي والقضايا التي كانت تشغله؟
وكيف بدت احواله بمرآة الصحافة اللبنانية؟
هذا الاستطلاع يجيب عن تلك الاسئلة وغيرها من خلال جولة بانورامية، في بعض المطبوعات اللبنانية الصادرة في الخمسينات والزاخرة بنشاطات المد القومي العربي والاحداث السياسية الكويتيةِ
أمير الكويت على ضفاف الليطاني
++++++++++++++++++++++++++
لا يزال الشيخ صباح السالم الصباح، رئيس الشرطة العام في الكويت، موضع التكريم والحفاوة في لبنانِ ولقد اقيمت عدة حفلات على شرفه، منها المأدبة السخية التي اقامها الاستاذ عادل عسيران رئيس مجلس النواب في مزرعة القاسمية (صيدا)ِ
هذا، وسيعود الشيخ صباح قريبا الى الكويت بعد ان تتماثل والدته للشفاءِ
طائرة DC6 تنقل رئيس الشرطة الكويتية
++++++++++++++++++++++++++++++++++
غادرنا إلى الكويت صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح رئيس شرطة الكويت ترافقه حاشيته الكريمة وذلك على متن طائرة خاصة من طراز سوبر Dc6 تابعة للخطوط الجوية اللبنانيةِ
زيارة مفاجئة
+++++++++++++
وصل الى لبنان فجأة الشيخ صباح السالم الصباح، رئيس الشرطة العام في الكويت وشقيق الامير الحاكم الشيخ عبدالله السالم الصباح، وقد كان في استقباله بالمطار الشيخ عبدالله المبارك رئيس الامن العام وعدد من الشخصيات اللبنانية والكويتية
الكويتِِ قبلة أنظار ‘الأحرار العراقيين’
++++++++++++++++++++++++++++++++
هذه شهادة بحق الكويت، ووثيقة صحفية، تبرز دورها في مساحة الحرية التي تعيشها، خصوصا عندما يتعلق الامر، بمساندة ومؤازرة ‘الهاربين من بلدانهم، والمناهضين لسياساتهاِ وهذه احدى الشهادات التي نشرتها مجلة ‘الاحد’ اللبنانية بعددها رقم 346 وبتاريخ 8/9/1957 تقول:
‘تكاد الكويت، تكون البلد العربي الذي يضم اكبر مجموعة من شبان الخليج وشبان العراق والاردن الثائرين على الاوضاع في بلدهمِ وسبب ذلك ان في الكويت متسع من ‘الجو الحر’ اكثر من اي بلد في منطقة الخليج، حتى اصبحت قبلة انظار المواطنين المتحررين في المناطق المحيطة بها!
ففي الكويت مثلا عدد كبير من الفلسطينيين والاردنيين الناقمين على العهد الحاضر في الاردنِ ولذلك اتجهت نية الحكومة الاردنية الى تأسيس مكتب رسمي لها بحجة تنمية العلاقات التجارية، بينما هو في الواقع لمراقبة نشاط المواطنين الاردنيينِ
وما يقال عن وجود الاردنيين في الكويت، يقال ايضا عن وجود عدد كبير من الشبان العراقيين الاحرار، الذين غادروا العراق في سبيل الخلاص من سجن نوري السعيد، ومقاومة العهد الحاضر السائر في ركاب الاستعمار والعامل على توطيد دعائمه في بلاد الرافدينِ
واذا كانت حكومة الاردن قد سعت من قبل الى تأسيس مكتب لها في الكويت يحصي على المواطنين الاردنيين هناك حركاتهم وسكناتهم، فان حكومة العراق ايضا سلكت هذا السبيل، حيث تعتزم ايفاد بعثة عراقية حكومية الى الكويت وتأسيس مقر دائم لها تحت ستار رعاية مصالح الرعايا العراقيين بينما هي غايتها احصاء الشبان، وتحديد ميولهم واهدافهم ووضع التقارير اللازمة بهذا الشأن تمهيدا لمقاومة اتجاهاتهم المناهضة لسياسة العهد الحاضر في العراق!
هذا وقد طلبت حكومة العراق من الحكومة الكويتية بذل مساعدتها في هذا الشأن، وذلك بتقديم احصائيات كاملة عن العراقيين الموجودين في الكويت ونوع عمل كل منهم، والمدة التي انقضت على وجوده في العراق، بالاضافة الى بعض البيانات عن احوالهم الاجتماعيةِ ولا تطلب الحكومة العراقية ان تقوم حكومة الكويت بهذه الترتيبات، وانما سوف تطلب تسهيل مهمة البعثة العراقية، لتتصل هي بالعراقيين الموجودين في الكويت وتسجل تلك المعلومات الآنفة الذكرِ
ومن المنتظر ان تصل البعثة المذكورة الى الكويت خلال الشهر القادمِ
ولا شك ان سلطات الكويت سوف تقاوم هذه الطلبات، وهي التي عرف عنها بذل كل معونة للمواطنين العرب الذين يؤمون الكويت!
حفاوة خاصة بالشيخ عبدالله الجابر الصباح
++++++++++++++++++++++++++++++++++
على الرابية المخضوضرة نفسهاِِ الرابية المتشامخة، حيث تنبت الصنوبرات وتشرئب باعناقها نحو العلاء، وحيث تنتشر في ظلالها الوارفة خيمات الكشاف، كحبات عقد انفرط نظمه، على تلك الرابية اقام الكشاف المسلم هذا العام، شأنه في كل عام، حفلته السنوية الكبيرة، واليها زحف القوم مساء الاحد الفائت زرافات زرافات، ليشهدوا تجدد الحياة الرياضية، التي يحياها الكشافِ
كان في استقبال القوم اعضاء الكشاف، الكبار منهم والجراميز والمراشدات وقد تمنطقوا جميعا بلباس الكشاف الرياضي، وشرعوا يستقبلون القوم بكل نظام لا يعرفه غير الكشاف ـ على رأي الزعني ـ ثم يحلونهم اماكنهم دون جلبة ولا ضوضاء، اللهم الا تلك التي لا يمكن تفاديها في ذلك المكان فسيح الارجاءِ
بعد تلاوة آي من الذكر الحكيم، نهض الاستاذ وجدي جارودي امين سر الجمعية فألقى كلمة الجمعية، وكانت من لون ‘ما قل ودل’ جامعة في معناها شاملة في مبناهاِ
وكان الشيخ عبدالله الجابرالصباح مشاركا في افتتاح الكشاف الصيفي في بحمدون، بعد زيارته الى بيروت واستقباله من قبل عبدالله الخوري (نجل الأخطل الصغير)ِ
مجلة ‘الأحد’ – لبنان 1957
من ضيوف لبنان
+++++++++++++
من ضيوف لبنان هذا الاسبوع خالد العبدالله السالم رئيس دائرتي الجمارك والميناء في الكويت، والشيخ خالد هو نجل سمو امير الكويتِ
ومن ضيوف لبنان ايضا الشيخ دعيج السلمان والشيخ جابر العلي رئيس دائرة الكهرباءِ
وقد استقبل الضيوف استقبالا حارا على ارض المطار، وكان من بين المستقبلين عدد كبير من الشخصيات الكويتية واللبنانيةِ
فأهلا وسهلا بضيوف لبنان آملين لهم قضاء وقت طيب في الربوع اللبنانيةِ
مجلة ‘الأحد’- لبنان 1957
عبدالرحمن العيسى يتبرع بمبلغ
375 جنيها وبرجس البرجس يناصر القومية
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
عندما وقع العدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية عام 1956، كان للصحافة اللبنانية دور في تبني حملة لمقاطعة البضائع الفرنسية والبريطانية، وقادت مجلة ‘الاحد’ الاسبوعية لصاحبها ورئيس تحريرها الراحل ‘رياض طه’، دعوة الامتناع عن نشر الاعلانات البريطانية والفرنسيةِ
وتضامنا مع هذا الموقف، كان للشعب الكويتي صوت ورأي مؤيدان، فقد ارسل السيد عبدالرحمن يوسف العيسى (تاجر) شيكا بمبلغ 375 جنيها استرلينيا، كبدل اشتراك في دار الكفاح العربي لمدة سنة، وان يكون المبلغ الباقي ثمن اعلانات عن ترويج بضاعته في مجلة ‘الاحد’، حيث نشر هذا الخبر تحت عنوان ‘من الكويت’ في العدد رقم 324 بتاريخ السابع من ابريل عام 1957ِ ولم تترك المجلة هذا الموقف دون الاشارة اليه في عددها الصادر بتاريخ 17/3/1957، منوهة ‘بعاطفة هذا المواطن العربي الحر والتي تدعو للاعتزاز والفخر، وهي أثمن من كل شيء’ على حد تعبيرها منهية الخبر بتوجيه التحية لكل الاحرار العرب في هذه المعركة الفاصلةِ
وفي هذا الاتجاه، افردت المجلة صفحات تحت عنوان ‘برلمان العرب’ لاتاحة الفرصة لكل قارئ ان يقول رأيه مهما كان هذا الرأي، وفي هذه الصفحات نطالع اسماء: عبدالعزيز السلطان، وبرجس حمود البرجس، اللذين كتبا مناصرين وبشدة للقومية العربية ولموقف عبدالناصر في ذلك الوقت، في العدد رقم 316 بتاريخ 10/2/1957ِ
واذا ما تسنى لك مطالعة تلك الصفحات فستعثر على اسماء كويتية عديدة، شاركت في الكتابة والتعبير عن آرائها بقضايا عربية وقومية، امثال: محمد ابراهيم الشيخ غانم، علي حسن المطوع، عبدالله ابراهيم، وجابر هاشمِ
‘الكويت اليوم’ ترد على ادعاءات عبدالكريم قاسم
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
نشرت جريدة ‘الكويت اليوم’ وهي الجريدة الرسمية للكويت بتاريخ 20 يوليو عام 1961، نص بيان يحمل الرقم 4 والصادر عن دائرة المطبوعات والنشر، وذلك للرد على ادعاءات عبدالكريم قاسم وافترائه بان الكويت تساومه على ان تدفع له 40 مليون جنيه ‘من الدنانير’! ـ هكذا ورد بالنص ـ مقابل التنازل عن حقوقهاِ
وجاء هذا الرد على اثر حديث عبدالكريم قاسم الى الصحافي اللبناني انعام رعدِ
وفيما يلي نص البيان:
اذاع راديو بغداد مساء امس حديثا ادلى به عبدالكريم قاسم لصحافي لبناني يدعى انعام رعد تطرق فيه الى الكويت وراح كعادته يتخبط في تناقضات مضحكة تدل على حرج الموقف الذي وضع قاسم نفسه فيهِ
وان دائرة المطبوعات والنشر، وهي التي سبق لها ان فندت جميع مزاعم قاسم وادعاءاته الباطلة وتهجماته الرعناء الفاشلة على الكويت، البلد العربي المستقل، ليسوءها ان تلتفت للرد من جديد على افتراءات وتخرصات يمجها السمع ويأباها الطبع العربي السليمِ
لقد ورد في حديث قاسم قوله، ان الخطر يهدد العرب كافة لوجود الكويت وان المهم لديه هو سحق الكويت بعد ان نعت الكويت بالقاعدة الاستعماريةِ ويعلم العرب في كل جزء من اجزاء الوطن العربي ان الكويت قاعدة من قواعد التحرر العربي وانها مأوى الاحرار وملاذ الابطال ومعقل العروبة الصافية، وان العرب ليعلمون ان عهد قاسم حاول ولا يزال يحاول ان يجعل من العراق الشقيق قاعدة للشعوبية الحاقدة على العرب، ولن ينسى العرب ما فعله قاسم باحرار العراق ممن تمسكوا بالاتجاه العربي والشعور القومي، وما يبيته قاسم للقضية العربية بصورة عامة من مؤامراتِ
ومن العجيب الغريب ان يزعم قاسم انه قد بعث للقضاء على الانظمة المتهرية وهو يشير بهذا الى الدول التي فاقته نظاما وأمنا واستقرارا، ولا ندري اي نظام هذا الذي يطبقه قاسم في العراقِِ؟ وماذا عسى ان ينعت حكم السحل والقتل وهتك المحرمات واشاعة الفوضى والارهابِ
وتطرق قاسم في حديثه الى التطاول على الدول العربية الواقفة مع العدل المناصرة للحق ووصفها بالزمر الطائشة، وزعم انها تقاومه وتكافحه، ونحن نترك الرد عليه للدول العربية الشقيقة التي شجبت مزاعمه ووقفت ضد اطماعه واحلامه ولم ينس قاسم ان ينعت الجامعة العربية بانها تخدم المصالح الاستعماريةِ
وليست هذه هي المرة الاولى التي ينفث فيها قاسم حقده الشعوبي على العرب وعلى آمال واماني العربِ
ومن مضحكات القدر ومبكياته ان يزعم قاسم زعيم الشعوبية الاوحد انه يتكلم باسم مصالح الامة العربية ولسنا نعلم الصلة التي تربط قاسم بأمتنا العربية الكريمة، ان الامة العربية من الخليج حتى المحيط لم تنس بعد الحملات الشعواء التي شنها قاسم واعوان قاسم من الشعوبيين المتطرفين على الامة العربية، وعلى الآمال والاماني الوطنيةِ ولن ينسى العرب ما حمله الاثير من اذاعة بغداد من سباب مبتذل وشتم سوقي رخيص ضد العروبة وضد القومية العربية، فاضت به محكمة المهداوي شهورا بعد شهور، ولن ينسى العرب بطش قاسم بدعاة العروبة وما لاقوه على يديه الملطختين بالدماء من فتك بربري شنيعِ
ان ابناء الامة العربية في كل مكان وفي طليعتهم شعب العراق العظيم لعلى علم تام بالاتجاهات الحقيقية لحكم قاسم، ولن تنطلي عليهم هذه الالفاظ الميتة الجوفاءِ
وان دائرة المطبوعات والنشر وهي تفند اباطيل قاسم لتقف متعجبة مستغربة امام نوع فريد من الكذب لم يسبق له مثيل في تاريخ العرف واللياقة والذوق، ذلك ان قاسم لم يخجل وهو الذي فرض نفسه طاغية على شعب العراق الشقيق من ان يكذب في مؤتمره الصحفي هذا ويقول بالحرف الواحد، ‘اتعلمون ان هناك من يساومنا على ان يعطينا (40) مليون جنيه من الدنانير سنويا ويطلب مقابل ذلك ان نتنازل عن حقنا في الكويت’ ثم يضيف بكل صفاقة ويقول ‘اننا لا نبيع اوطاننا’ِ
ان دائرة المطبوعات والنشر لتتحدى قاسم بكل قوة واصرار وتطلب منه ان يسمي الجهة التي ساومته او الشخص الذي اتصل به للمساومة، وهي ترى ان موضوع المساومة الذي اثاره في حديثه هذا ان دل على شيء فانما يدل على التلميح الى احتياجه الشديد للمال وهو يثبت بعد هذا ما اجمع عليه المنصفون من ان دوافع هذه الامة لا تخرج عن كونها طمعا تزكم رائحته الانوفِ
وان دائرة المطبوعات والنشر ليسوءها من جديد ان تنحط الالفاظ وترخص التصريحات دونما حذر او تحفظِ
وان دائرة المطبوعات والنشر لتؤكد ان حكومة الكويت لن تتساهل في حقوقها ولن تتنازل حتى بالالفاظ في اي تصرف قد يمس قضيتها العادلة، ولا تجد اي داع يدعوها لان تمد يدها لطامع لا يملك اي جانب من جوانب الحقِ
ان الكويت ـ وهي قاعدة من قواعد التحرر العربي ـ لمستعدة ان تبذل اموالها ونفوس ابنائها في الدفاع عن محرماتها ومقدساتها وهي تؤمن بعد هذا انها لن تنهزم امام طغيان شعوبي خبرته الجزيرة العربية في ادوار شتى من التاريخ وستجد الكويت انها ليست وحيدة في المعركة وانما يقف الى جانبها العرب كل العرب ذودا عن القومية ودفاعا عن الآمال والاماني العربية، يسوء الكويت ان تحاول الشعوبية في العراق الشقيق ان تتقنع بقناع العروبة بعد ان مثلت بدعاة العروبة شر تمثيل، ولكن الكويت واثقة من ان الشعب العراقي العظيم قادر على سحق قاعدة الشعوبيين في العراق والانطلاق بالعراق العظيم في مجاله العربي وآفاقه القومية متحدا متآخيا مع اخوانه واشقائه أجمعينِ