تشهد المنطقة العربية ‘زحمة’ في لجان التحقيق هذه الايام، فهناك على الجبهة المصرية لجنة لتقصي الحقائق من الكونغرس الاميركي بخصوص اوضاع الحريات الدينية في كل من القاهرة والرياض.
وهناك على الجبهة الفلسطينية -الاسرائيلية لجنة تقصي حقائق والمعروفة باسم ‘لجنة ميتشيل’ تقودها الولايات المتحدة الاميركية، في شأن اعمال العنف والارهاب التي قامت بها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ، وشكلت عقب الانتفاضة رقم اثنين، برئاسة السناتور الاميركي الاسبق جورج ميتشيل رئيس وزراء اسرائيل، اعتبر تشكيل اللجنة بانه خطأ تاريخي وبالتالي لا يحق لها ولا لأحد ان يحاكم اسرائيل!
هكذا، وبكل وقاحة وصلافة، يقدم شارون على قتل لجنة تحقيق دولية تحاول ان ترفع ولو تقريرا عما سمعته وشاهدته من اعمال قتل وارهاب ضد الشعب الفلسطيني، وبدون اي رد فعل دولي على هذا التصرف والاستهتار بالشرعية الدولية.
ولجنة ميتشيل، لم تكن الاخيرة في تاريخ النزاع العربي – الاسرائيلي، بل ان هذا الملف شهد العديد من اللجان والوسطاء والمندوبين الدوليين، ومنهم من ذهب إلى جوار ربه لانه كان ‘محايدا’ ومنهم من تم تخليد ذكراه لانه كان ‘متعاطفا’ مع اسرائيل، ومنهم من دفن هو وتقاريره لانه تجرأ على قول الحقيقة.
المهم في الامر، ان اسرائيل تحتقر الشرعية الدولية عندما تكون هي المدانة والمتهمة، لكنها تحترم هذه الشرعية اذا ما برأتها من صفات الاحتلال واسبغت عليها صفات الالتزام بالقوانين الدولية.
أما لجنة ‘ميتشيل’ فتذكر بقائمة من اللجان ارتبطت اسماؤها بموضوع النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي منها: اللجنة الانكلو – اميركية، لجنة برترام – يونغ، لجنة بيل، لجنة انقاذ القدس، لجنة كينغ- كرين، لجنة موريسون – تراستد ، لجنة الهدنة، اللجنة الخاصة للأمم المتحدة بشأن فلسطين.
وبالمناسبة، فان اشهر شخصية دولية عرف المنطقة العربية وعرفته جيدا، هو الكونت برنادوت الذي عين من قبل الامم المتحدة كوسيط، ذهب ضحية ‘اعتداله’ بعملية اغتيال قامت بها اسرائيل عام 1949.
ثم يأتي رالف بانش، الدبلوماسي الاميركي الذي خلف برنادوت، بالوساطة، والذي منح جائزة نوبل للسلام عام 1950 مكافأة لخدماته الجليلة لاسرائيل؟
على ان النهاية المأساوية لثاني امين عام للامم المتحدة ويدعى داغ همرشولد الذي توفي بحادث طائرة وهو في طريقه إلى الكونغو عام 1960 هي ما يمكن اعتبارها، اهم شاهد على ان من يحاكم اسرائيل ربما يلقى مصير الذين سبقوه من وسطاء أو لجان تحقيق!