بعد هدوء العاصة، ظهر في منزله بالجابرية، بعدما راجت أخبار تفيد بحمل أمتعته ومغادرته الكويت الى بلاد العم سام، ليستريح هناك من وجع الدماغ، عقب نشر معلومات حول صدور فتوى من أحد رجال الدين أثارت الكثير من الاستغراب والحنق، وتداخلت فيها، روايات وتقارير، لم يعد يعرف فيها المراقب اين يقف ولماذا هذه الحملة وبات صاحب العلاقة ينادي ‘لونها الليلة رمادي’ فلا هي أبيض ولا أسود.
‘جريمته’ انه غنى للشاعر عبد الله عبدالعزيز الدرويش ‘زهيرية’، ذات القوافي السبع، ومطلعها الحمد لله رب العالمينِِِ إياك نعبد وهي كلمات قرآنية وردت في بعض الأبيات سبق للعديد من المطربين الكويتيين والعرب أن غنوها.
اسمه وصورته إنطلقا في وسائل الاعلام العربية والدولية، كصاروخ إريان الفضائي، ونال شهرة عالمية لم يكن تحقيقها سهلا بالأحوال العادية، وإن كانت شهرة لا يتمناها أحد خصوصا اذا ما كانت مقرونة بسمعة ودعاية تشوه الاسم والانتماء الدينيِ ويقال ان مبيعات أشرطته في أسواق الكاسيت ضربت رقما قياسيا.
وضع يده على خده الأيسر، شارد الذهن، سارح الخيال، يسترجع مقطعا من احدى أغانيه، وكأنه يرثي لنفسه مرددا كلماتها:
رحلتي وتركتيني شماته
وحكاية على لسان البشر
وتجاهلت من فدى عمره وحياته
وحاشى غربال وسهر
أتاري كلماقلت
كلام في كلام
يا ويلي ما بقى صاحب
وعلى الدنيا السلام
ما ان سمع بالفتوى حتى انتصب واقفا رافعا يده الى الاعلى مرددا وناطقا، اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول اللهِِ فهو يرفض المزايدة من احد على دينه ومعتقده، فقد ‘خلق مسلما وتشرب الدين الاسلامي’، وليس بوارد التبرير لما يقال لأنه يعتبر نفسه غير متهم.
نال لقب ‘الأولية’ باعتباره ‘اول’ مطرب كويتي يتعرض للتشهير، بعد جورج وسوف في التسعينات عندما خرجت اصوات من مجلس الامة تتهمه بالاساءة للاسلام، ثم عاصي الحلاني الذي منع من الدخول للكويت بعد اعتراض النائب وليد الطبطبائي، ومارسيل خليفة الذي ‘حوكم’ على قصيدة شعرية لمحمود درويش عنوانها ‘أنا يوسف يا أبيِِ’ وهناك بالطبع فرق شاسع بين ‘المحاكمة’ و’الفتوى’ لأن في الاولى يسمح للمتهم بإبداء رأيه وللقاضي ان يأخذ بها او يتجاهلها، اما في الفتوى فالأمر ليس بحاجة لمرافعات.
لم تكن هذه المرة الاولى التي يثار فيها الاعتراض على غنائه ففي العام 1995 وبعد صدور اغنية حديثة له والتي يبدأ مطلعها:
‘لمني بشوق واحضني
بعادك عني بعثرني
صلبني في صقيع الموت
ورد تالي بهجير الشوق ذوبني’.
حدثت اعتراضات على مضمون الكلمات وايحاءاتها ومن اصوات داخل مجلس الامة، لكن الاغنية اكتسحت تلك الاصوات وصارت تتداول على الألسن عن ظهر قلب.
وعندما غنى اغنية للراحل عوض الدوخي ‘صوت السهارى’ جاء من يعترضه ويوقفه عن ذلك، ويحول للمحاكمة.
أطلقوا عليه لقب سفير الاغنية الخليجية لأنه اول مطرب خليجي من جيل الشباب، بعد العملاقين محمد عبده وطلال المداح، تنظم له حفلات في هوليوود الشرق ‘القاهرة’ في الثمانينات ليحقق انتشارا واسعا على المستوى العربي وكان اول فنان كويتي يقف في دار الاوبرا المصرية منشدا طربا وغناء.
أتى بعد جيل مؤسسي الفن الكويتي الحديث وانطلاقته في الستينات في ظل عمالقة الغناء، عبدالله الفضالة وعوض الدوخي وشادي الخليج وغريد الشاطئ وحسين جاسم.
بعد رحيل عوض الدوخي، واعتزال حسين جاسم وتخصص شادي الخليج في الاغنية الوطنية وتفرد عبدالكريم عبدالقادر بعرش الساحة الغنائية الكويتية، ظهرت فرقة الشباب الجديدة في بداية الثمانينات (الفرنكو آراب) وكان عبدالله الرويشد من ضمن فرقة رباعي الكويت وينطلق عام 1982 بأغنية ‘رحلتي’ ليكون مع نبيل شعيل، روادا للجيل الثاني الشبابي للأغنية الكويتية.
تحول الى رمز وطني اثناء الغزو العراقي، يجسد معاناة شعبه، من خلال الاوبريت الرائع الذي قدمه في الليلة المحمدية بالقاهرة مع الفنانة سعاد عبدالله، لدرجة ان محطات التلفزيون والاذاعة دأبت على بثه واذاعته طوال فترة الاحتلال، كتعبير عما يلاقيه الشعب الكويتي من عذاب وجرائم.
جمع بين الغناء والتلحين وتوسع باهتماماته، ووضع اسمه بين التجار ‘الشطار’ ورجال الاعمال النشطين بالإضافة إلى قدرته على امتلاك مواصفات رجل العلاقات العامةِِ ليقف على هرم امبراطوريته التجارية في شارع ابن خلدونِِ اللهم لا حسد ولا غيرة.
فارس الأغنية الخليجية يقدم بطاقته الشخصية على انه:
عبدالله عبدالرحمن الرويشد.
دخل عالم الغناء من خلال عضويته في فرقة ‘الرباعي الكويتي’ عام 1971.
عام 1982 سجل أول اغنية له ‘رحلتي’
الخامس بين اخوته، ‘قدساوي’ بالفطرة، ومن برج السرطان.
مشاكس منذ الطفولة، لا يأبه بالاشاعات ولا بقائليها، لأنه مستمر في طريقه للنهاية.